لم يزل شعر النقائض يمثل مصدراً أدبياً مهماً ، ومنهلاً علمياً قيماً يرفد الباحثين بموضوعات شتى ؛ وذلك لأنه جاء عصارة عبقريات شعرية فذة وخلاصة تجربة إنسانية حافلة بأحداث عظيمة . وعلى الرغم من أن جانباً من هذه النقائض وظف فيما لا يخدم القيم الأخلاقية والدينية إلا أنها ظلت بعامة تجربة شعرية متفردة تخدم القيم الأدبية ؛ الجمالية والفنية الراقية على مر العصور .
ولقد بدأ اهتمام الباحثين بالتأريخ للنقائض بعد نشر ديواني النقائض في القرن السابق بمدة زمنية قد تبلغ أربعة عقود تقريباً " وأول من قام بدراسة النقائض والتأريخ لها في كتاب مستقل في الأدب العربي –فيما نعلم- هو الدكتور أحمد الشايب عام 1365هـ /1946م "
ولم يعد الحديث عن النقائض حديث المُجْمِل في خضم الحديث عن فن الهجاء ، بل أصبح الدارسون يبسطون القول فيها ، وإن كان الأمر فيها لا يزال بحاجة إلى تعمق ودرس أكثر ، ولعل مما يؤكد هذه الحاجة قول أحمد الشايب :"بأن النقائض في حاجة إلى استئناف البحث سواء في جوانبها السياسية ، والاجتماعية ، والفنية ، أو في ما يلابسها من عوامل ومعوقات ، وما استدعت من نقد وشروح ، وأرجو أن يُعنى الباحثون بدرس هذا الفن لعلهم واجدون فيه من النتائج القيمة والخطيرة كفاء ما يبذلون في سبيلها من أوقات ومشاق"
أما أمر الاهتمام بدرس النقائض فقد تجاوز ذوي الاختصاص إلى أهل العلوم الأخرى الذين حرصوا على الإفادة مما تحويه – ولا سما الجاهلية منها – من معلومات اجتماعية ، أو تاريخية ، جغرافية ، وبذلك تعد النقائض من المصادر الموثوقة لكتابة دراسة شاملة للحياة الجاهلية في أوجهها المختلفة .
ويظل نص النقائض كتاباً مفتوحاً للدارسين سيما إذا تناولوه بمناهج علمية جديدة ، وأعادوا النظر في جزئياته وتفاصيله بدقة وتمحيص .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق