الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً،
بلسان عربي مبين، وحفظه من التحريف والتبديل، تحدى بع أرباب البيان فألجمهم، وقصر
عنه البلغاء فأعجزهم، وبعد:
يقوم هذا البحث على النظر في سورة كريمة من سور القرآن
العظيم، وتأمل تراكيبها، وما تضمنته من فنون البلاغة، فإني منذ سمعت الحديث الشريف
الذي رواه أبو يعلي في مسنده قال: (حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير حدثنا محمد بن بشر حدثنا علي بن صالح عن أبي إسحاق عن
أبي جحيفة قال قالوا: يا رسول الله، قد شبت! قال: شيبتني هود وأخواتها.) وأنا
أسائل نفسي: أثمة صلة بين النظم البياني لهذه السورة الكريمة واختصاصها بالذكر في
الحديث الشريف؟، أوليس لفنون القول فيها مزية أخرى قد سمت لتحمل تلك المعاني
العظيمة التي شيبت سيد الخلق – صلى الله عليه وسلم؟ أما احتشدت فيها طرائق البيان
العربي لتبلغ الغاية في النذارة والإبلاغ؟ فألفيت السورة الكريمة تجمع ذلك كله
وفوقه. ولعل مثل هذا البحث التطبيقي أن يثري حقل الدراسات القرآنية، ولاسيما أنه يقوم
على النظر في نص قرآني معجز يتأمل تراكيبه، ويتدبر معانيه، كاشفاً عن فنون البلاغة
فيه، وما لها من دلالات ولطائف، وبخاصة أن أرباب البلاغة العربية في قديمها
وحديثها قد مضوا في هذا السبيل الذي يبين عن الإعجاز البياني الذي تضمنه القرآن
العظيم، ولا ريب أن هذا المسعى يبتغي من الباحث حسن النظر في النص، ودقة الإصابة
في تنزيل مفاهيم الفنون البلاغية على مواطنها في السورة الكريمة.
وأما المنهج الذي اتبعته في هذا البحث فإنني قد تتبعت
فنون البلاغة في السورة الكريمة وفق علوم البلاغة الثلاثة: المعاني والبيان
والبديع، ممهداً لكل فن بتعريف المصطلح البلاغي على ضوء مما ورد في كتب البلاغة
العربية، وما وجدته في المعاجم المختصة بالمصطلحات البلاغية وبخاصة معجم المصطلحات
البلاغية للدكتور أحمد مطلوب، وما كتبه الدارسون المحدثون حول البلاغة القرآنية،
ثم اهتديت بها في إنشاء معجم للمصطلحات البلاغية التي وردت في السورة الكريمة وفق
الترتيب الهجائي في مسرده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق