مقدمة
تُعرف اللغة العربية
التي نتكلم بها حاليا باللغة الباقية وقـد نشـأت هـذه اللغـة بـبلاد الحجـاز ثـم
انتشـرت فـي كثيـر مـن جوانبهـا و ، أقـدم مـا وصـل هـي بعـض النقـوش والأمـارات
التـي يعـود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي و ، أقدم ما وصل مـن آثارهـا
الراقيـة الشـعر والنثـر الجـاهليين وجمعـا فـي القـرن الأول للهجـرة ويمـثلان
اكتمـال هـذه اللغـة، التـي تغلبـت لهجـة مـن لهجاتهــا واستأثرت بميادين الأدب في
مختلف القبائل مع فروق دقيقة.
فمــا
اللغــة ؟ وكيــف نشــأت اللغــات الإنســانية الأولــى ؟ أهــي وحــي مــن عنــد
الله علمهــا للإنسان ؟ أم هي من وضع الإنسان ؟ وكيف صنعها ؟
ثم ما
اللغة العربية ؟ وكيف ولدت ؟ ومتى.. ؟ وما هي أهم مراحل تطورها .؟.
أسئلة و
. . تساؤلات نطرحها وللإجابة عنها قسمنا عرضنا هذا إلى مدخل ومبحثين :
المـدخل
وتطرقنـا فيـه إلـى مفهـوم اللغـة و ، بـالرغم مـن عـدم وجـود اتفـاق شـامل علـى
مفهـوم محدد للغة إلا أن تعريف ابن جني يعتبر من التعريفات الدقيقـة إلـى حـد
بعيـد لأنـه ً يـذكر كثيـرا من الجوانب المميزة للغة.
ثــم ذكرنــا بعــض
النظريــات أو الفرضــيات فــي نشــأة اللغــة الإنســانية الأولــى وركزنــا
علــى المشــهورة منهــا وهــي نظريــة الــوحي والإلهــام أو التوقيفيــة،
نظريــة محاكــاة أصــوات الطبيعــة، نظرية المواضعة أو الاتفاق.
المبحث الأول : وكان
بعنوان نشأة اللغة العربية وتعرضـنا فيـه للنشـأة الأولـى للغـة العربيـة
وعلاقتهـا باللغـات السـامية ثـم ذكرنـا بـأن لغـات العـرب علـى تعـددها
واختلافهـا إنمـا ترجـع إلـى لغتــين أصــليتين لغــة الشــمال (لغــة القبائــل
العربيــة العدنانيــة)، ولغــة الجنــوب (لغــة القبائــل القحطانية وهي السبئية
والحميرية والحبشية).
بعدها تطرقنا إلى
اختلاف لغات العرب وهو تعبير استخدم قديماً قصـد بـه اخـتلاف ألسـنة القبائـل،
وتباينهـا فـي نطـق بعـض الألفـاظ و ، كيـف تغلبـت منهـا لغـة قـريش علـى سـائر
اللغـات لأسباب دينية واقتصادية واجتماعية أهمها الأسواق و ، أثر مكة وعمل قريش.
أمـا المبحـث الثـاني
فخصصـناه لـبعض مراحـل التطـور الأخـرى التـي رافقـت اللغـة العربيـة كظهور الخط
العربي (الخط المسند في الجنوب والخط النبطي في الشمال) وأخـذنا مثـال أقـدم نـصُ
وِجَـدَ مكتوبـا بالعربيـة الفصـيحة وهـو
نقـش النَّمـارة الـذي وجـد علـى قبـر امـرئ القـيس بـن عمرو الذي يوصف
بأنه ملك العـرب فـي إقلـيم حـوران بجنـوب فلسـطين وهيئـة الكتابـة فـي هـذا النص
قريبة من هيئـات الحـروف والكلمـات فـي الكتابـات الإسـلامية الأولـى وهـو ، يمثـل
مرحلـة واضـحة مـن مراحـل تطـور نشـوء الخـط العربـي لأن الكلمـات عربيـة وأشـكال
الحـروف عربيـة تقريبا، كما تعرضنا لحادث بـارز فـي تطـور العربيـة ألا وهـو نـزول
القـرآن الكـريم بلسـان عربـي مبين، قال تعالى : " ولقد نعلم أنهم يقولون
إنما يعلمه بشر، لسان الـذي يلحـدون إليـه أعجمـي وهذا لسـان عربـي مبـين " ([1]) ، "وكـذلك
أنزلنـاه قرآنـا عربيـا وصـرفنا فيـه مـن الوعيـد لعلهـم يتقـون أو يحدث لهم ذكرا
" ([2]) ، " وكـذلك
أوحينـا إليـك قرآنـا عربيـا لتنـذر أم القـرى ومـن حولهـا و ، تنـذر يـوم الجمـع
لا ريـب فيـه فريـق فـي الجنـة وفريـق فـي السـعير "([3]) ،
"ومـن قبلـه كتـاب موسـى إمامـا ورحمـة و ، هـذا كتـاب مصـدق لسـانا عربيـا
لينـذر الـذين ظلمـوا وبشـرى للمحسـنين " ([4]) ، "ولو
جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعربي" ([5])، "ولقد ضـربنا للنـاس فـي هذا القرآن من كل مثل لعلهم
يتذكرون، قرآنا عربيا غير ذي عوج "([6])
وقـد اتسـعت العربيـة
بفضـل القـرآن أيمـا اتسـاع وذلـك فـي الأغـراض والمعـاني والأسـاليب والألفاظ،
هذا بالإضافة إلى تأثير الحديث النبوي الشـريف الذي يحمل ثـروة لغويـة هامـة فقـد
روى البخاري في كتـاب التعبيـر : عـن أبـي هريـرة قـال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: (بعثـت بجوامع الكلم ...) قال أبوعبد الله : وبلغني أن جوامع
الكلم: أن الله يجمع الأمور الكثيرة، التي كانت تكتب فـي الكتب قبله، في الأمر
الواحد، والأمرين، أو نحو ذلك.([7]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق